تُعد تكنولوجيا النانوماتيريال واحدة من أكثر المجالات ابتكارًا في العقود الأخيرة، إذ دخلت في الطاقة، البيئة، الطب، والصناعة. غير أن النقاش لا يزال قائمًا حول: هل تسهم هذه التكنولوجيا كحل بيئى ، أم أنها قد تضيف عبئا بيئا جديدا بسبب عمليات تصنيعها والتخلص منها؟
لا ننكر ان تكنولوجيا النانومتيريال تساهم بحلولًا متقدمة للحد من الانبعاثات عبر عدة مسارات منها :-
اولا: رفع كفاءة الطاقة: حيث أن استخدام أنابيب الكربون النانوية في البطاريات والخلايا الشمسية يعزز كفاءة التحويل والتخزين.كما ان إدماج مواد نانوية يوفر عوازل حرارية تقلل استهلاك الطاقة في المباني.
ثانيا: معالجة الملوثات : عن طريق محفزات ضوئية نانوية تقلل من الملوثات البيئيه والمركبات العضوية المتطايرة في الهواء والمياه.كما ان استخدام المحفزات النانوية في السيارات والمصانع تحسن الاحتراق وتخفض الانبعاثات غير المحترقة.
ثالثا: التطبيقات الزراعية والصناعية: فاستخدام الأسمدة النانوية ذات الانطلاق البطيء تقلل من انبعاث أكسيد النيتروز (N₂O).
هذا هو الجانب الإيجابي الواعد الذي على الجانب الاخر لا نستطيع أن ننكر المخاطر البيئية المحتملة فبرغم هذه المزايا، تواجه النانوتكنولوجي تحديات قد تزيد الانبعاثات الكلية من حيث عدة محاةر وهي كالاتي:
– تصنيعها كاي نشاط له بصمة الكربونية فإنتاجها يتطلب طاقة عالية ومواد كيميائية معقدة، مما يزيد من الانبعاثات إذا لم يُستخدم مصدر طاقة متجدد.
– النفايات ومصير الجسيمات النانومتريه بعد الاستخدام قد تتسرب للهواء أو المياه، مما يخلق ملوثات دقيقة مجهولة الأثر.
– لا توجد بروتوكولات واضحة ومعايير أو قواعد بيانات كافية لتقييم دورة الحياة الكاملة لهذه المواد ، خاصة مرحلة المصير النهائي (fate). فالدراسات الحالية تركز غالبًا على فوائد هذه المواد ولكن المرحلة النهائية لهذه المواد (End-of-life fate) لا تزال غير مدروسة بشكل كافٍ، سواء من حيث تحلل الجسيمات، أو انتقالها في البيئة، أو تراكمها الحيوي.كما ان النماذج البيئية التقليدية غير قادرة على التنبؤ الدقيق بمصيرها بسبب حجمها النانوي، ومساحة سطحها العالية.
وبالتالي، لابد من اخذ احتياطات التصنيع المستدام للمواد النانومتريه وتطوير التصنيع الاخضر. بالاضافه الي العمل على إدراج معايير إلزامية لقياس البصمة الكربونية أثناء إنتاج المواد النانومتريه. لابد ايضا من عمل تصاميم أمنه لهذه المواد وتثبيتها على اسطح مناسبه لتقليل مخاطر تسرب الجسيمات للبيئة. كما ان تطوير أنظمة تشغيل مغلقة تقلل من انتشار الجسيمات النانوية بالإضافة الي وضع معايير قياسية لرصد الانبعاثات النانوية أثناء التشغيل.
– اما في مرحلة ما بعد الاستخدام لابد من إنشاء برامج لإعادة التدوير وفصل المواد النانومتريه عن النفايات الصناعية واعتماد تقنيات صديقه للبيئة للتعامل مع هذه النفايات .
– اخيرا لابد من دمج تقييم الـ fate في كل دراسة دوره الحياة لهذه المواد بحيث يشمل من المهد إلى اللحد في كل مراحلها.
نذكر ايضا ضرورة إنشاء قواعد بيانات دولية لتجميع نتائج تقييم دورة الحياة الخاصة بالمواد النانومتريه .
ابجازا يمكننا القول إن المستقبل لتكنولوجيا النانو يتطلب إطارًا تشريعيًا وعلميًا صارمًا يوازن بين الاستفادة من قدرات النانوتكنولوجيا وبين تجنب آثارها فهي أداة حل لا يمكن التضحية بها ولكنها أداة مشروطة بكيفية إدارتها عبر دورة حياتها كاملة.
بقلم:
ا.د الهام فاروق عبدالعزيزمحمد
دكتوراه بالهندسه البيئيه
– سفير الاستدامه بسفراء الاستدامة العالميين (GAOS)