يعَد التحوّل نحو نظم غذائية ذكية ومستدامة أحد أبرز التحديات والفرص التي تواجه الإنسانية في ظل أزمة المناخ والتضخم السكاني. تعتمد هذه النظم على دمج تقنيات متقدمة—كالزراعة الدقيقة والبيئة المضبوطة وإنترنت الأشياء (IoT)—مع المعرفة التقليدية المحلية لتعزيز الإنتاج والحفاظ على الموارد وضمان الأمن الغذائي.
* في أمريكا الشمالية تتطور الزراعة الدقيقة باستخدام الذكاء الاصطناعي والطائرات بدون طيار وأجهزة الاستشعار لمراقبة المحاصيل وتحسين الري والتسميد مما يقلل من الهدر ويزيد الإنتاجية .
* في أوروبا تعد هولندا نموذجا بارزا إذ تحقق في البيوت الزجاجية عالية التقنية إنتاجا يفوق المعدل التقليدي بـ20 ضعفًا باستخدام ماء أقل بأربع مرات . أما في فرنسا وألمانيا، فقد تبنت مدن مثل فرانكفورت (منصة Klimagourmet) وليل (مشروع TAST’in FIVES) استراتيجيات حضرية مستدامة لتعزيز الوعي الغذائي والمشاركة المجتمعية.
* في آسيا تندمج الأساليب التقليدية مع الابتكار كما في اليابان حيث تستعاد تقنيات الزراعة المعتمدة على التنوع الحيوي مثل الزراعة المائية مع الأسماك (aquaponics) وكذلك إعادة استخدام مخلفات الأطعمة ضمن منظومات مغلقة.
* في أفريقيا يتبنى المزارعون تقنيات زراعية مستنيرة بالتراث مثل الزراعة بالأساليب التقليدية المقاومة للجفاف (مثل الزراعة بتقنية zaï في بوركينا فاسو) مع حلول ذكية مثل منصة MazaoHub في كينيا وتنس التي تربط المزارعين بالتجارة والخدمات المالية عبر التكنولوجيا.
* في أمريكا اللاتينية يعتمد على نظم مثل الزراعة المائية التقليدية في المكسيك (chinampas) التي تعزز الاستدامة بالجمع بين الأساليب الزراعية القديمة والمبتكرة كما هو الحال في مطعم Baldio في مكسيكو سيتي الذي استخدم مخلفات الطعام بطرق مبتكرة وصديق للبيئة .
* في أوقيانوسيا في نيوزيلندا تبرز مبادرات تشجع إعادة تدوير مخلفات الطعام وتحويلها إلى سماد عضوي في مزارع حضرية مثل Kaicycle في ويلينغتون .
مقومات الاستدامة الذكية المشتركة:
التكنولوجيا استخدام الزراعة الدقيقة البيوت الزجاجية الذكاء الاصطناعي إنترنت الأشياء والزراعة العمودية.
الحفاظ على الموارد تقليل استهلاك المياه والمبيدات وتحسين التربة وتقليل الفاقد.
التنوع والاستدامة دمج النباتات التقليدية – الزراعة المختلطة الأنظمة البيئية المغلقة.
المشاركة المجتمعية إشراك المزارعين والمستهلكين في قرارات ملموسة عبر مبادرات محلية أو تعاونية.
ومما سبق فإن المستقبل الغذائي الذكي يبدأ من الجمع بين الحكمة التقليدية والابتكار التكنولوجي. عبر اعتماد أنظمة غذائية متعددة الأبعاد ومستدامة، يمكننا مواجهة تحديات الأمن الغذائي والمناخي وضمان كوكب أفضل للأجيال القادمة.
بقلم:
الدكتور/ فوزي العيسوي يونس
استاذ ورئيس وحدة فسيولوجيا الأقلمة- مركز بحوث الصحراء
واستشاري البصمة الكربونية والإستدامة البيئية.
